فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال القاضي أبو محمد: وفي هذا نظر، وقوله: {إلا امرأته} استثناء بعد استثناء وهما منقطعان فيما حكى بعض النحاة لأنهم لم يجعلوا امرأته الكافرة من آله.
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا نظر، لأنها قبل الاستثناء داخلة في اللفظ الذي هو الأول، وليس كذلك الأول مع {المجرمين}، فيظهر الاستثناء الأول منقطعًا والثاني متصلًا، والاستثناء بعد الاستثناء يرد المستثنى الثاني في حكم أمر الأول، ومثل بعض الناس في هذا بقولك: لي عندك مائة درهم إلا عشرة دراهم إلا درهمين، فرجعت الدرهمان في حكم التسعين الدرهم، وقال المبرد: ليس هذا المثال بجيد، لأنه من خلق الكلام ورثه إذ له طريق إلى أداء المعنى المقصود بأجمل من هذا التخليق، وهو أن يقول لي عندك مائة إلا ثمانية، وإنما ينبغي أن يكون مثالًا للآية قولك: ضربت بني تميم إلا بني دارم إلا حاجبًا، لأن حاجبًا من بني دارم فلما كان المستثنى الأول في ضمنه ما لا يجري الحكم عليه، والضرورة تدخله في لفظه ولا يمكنك العبارة عنه دون ذلك يجري الحكم عليهم اضطررت إلى استثناء ثان.
قال القاضي أبو محمد: ونزعة المبرد في هذا نبيلة، وقرأ جميعهم سوى عاصم في رواية أبي بكر {قدّرنا} بتشديد الدال في كل القرآن، وقرأ عاصم {قدَرنا} بتخفيفها، ونقل في رواية حفص، والتخفيف يكون بمعنى التثقيل كما قال الهذلي أبو ذؤيب: الطويل.
ومفرهة عنس قدرت لساقها ** فخرت كما تتابع الريح بالقفل

يريد قدرت ضربي لساقها، وكقول النبي عليه السلام في الاستخارة: «واقدر لي الخير حيث كان»، ويكون أيضًا بمعنى سن ووفق ومنه قول الشاعر: يزيد بن مفرغ.
بقندهار ومن تقدير منيته ** يرجع دونه الخبر

وكسرت الألف من {إنها} بسبب اللام التي في قوله: {لمن} والغابر الباقي في الدهر وغيره، وقالت فرقة منهم النحاس: هو من الأضداد، يقال في الماضي وفي الباقي، وأما في هذه الآية فهي للبقاء أي من الغابرين في العذاب، وقوله تعالى: {فلما جاء آل لوط المرسلون} الآيات، تقدم القول وذكر القصص في أمر لوط وصورة لقاء الرسل له، وقيل إن الرسل كانوا ثلاثة، جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وقيل كانوا اثني عشر وقوله: {منكرون} أي لا يعرفون في هذا القطر، وفي هذه اللفظة تحذير وهو من نمط ذمه لقومه وجريه إلى أن لا ينزل هؤلاء القوم في تلك المدينة خوفًا منه أن يظهر سوء فعلهم وطلبهم الفواحش، فقالت الرسل للوط بل جئناك بما وعدك الله من تعذيبهم على كفرهم ومعاصيهم، وهو الذي كانوا يشكون فيه ولا يحققونه، وقرأت فرقة {فاسر} بوصل الألف، وقرأت فرقة {فأسر} بقطع الألف، يقال سرى وأسرى بمعنى، إذا سار ليلًا، وقال النابغة: البسيط.
أسرت عليه من الجوزاء سارية

فجمع بين اللغتين في بيت، وقرأ اليماني {فيسر بأهلك}، وهذا الأمر بالسرى هو عند الله تعالى، أي يقال لك، والقطع الجزء من الليل، وقرأت فرقة {بقطَع} بفتح الطاء حكاه منذر بن سعيد، وقوله: {واتبع أدبارهم} أي كن خلفهم وفي ساقتهم حتى لا يبقى منهم أحد ولا يتلوى، و{حيث} في مشهورها ظرف مكان، وقالت فرقة أمر لوط أن يسير إلى زغر، وقيل: إلى موضع نجاة غير معروف عندنا، وقالت فرقة: {حيث} قد تكون ظرف زمان، وأنشد أبو علي في هذا بيت طرفة: المديد.
للفتى عقل يعيش به ** حيث تهدي ساقه قدمه

كأنه قال مدة مشيه وتنقله، وهذه الآية من حيث أمر أن يسري {بقطع من الليل} ثم قيل له {حيث تؤمر}، ونحن لا نجد في الآية أمرًا له لا في قوله: {بقطع من الليل} أمكن أن تكون {حيث} ظرف زمان، و{يلتفت} مأخوذ من الالتفات الذي هو نظر العين، قال مجاهد: المعنى لا ينظر أحد وراءه.
قال القاضي أبو محمد: ونهوا عن النظر مخافة العقلنة وتعلق النفس بمن خلف، وقيل بل لئلا تتفطر قلوبهم من معاينة ما جرى على القرية في رفعها وطرحها، وقيل {يلتفت} معناه يتلوى من قولك لفت الأمر إذا لويته، ومنه قولهم للعصيدة لفيتة لأنها تلوى، بعضها على بعض.
{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66)}
المعنى {وقضينا ذلك الأمر} أي أمضيناه وختمنا به، ثم أدخل في الكلام {إليه} من حيث أوحى ذلك إليه وأعلمه الله به فجلب هذا المعنى بإيجاز وحذف ما يدل الظاهر عليه و{أن} في موضع نصب، قال الأخفش: هي بدل من {ذلك}، وقال الفراء: بل التقدير بأن دابر فحذف حرف الجر، والأول أصوب، والدابر الذي يأتي آخر القوم أي في أدبارهم، وإذا قطع ذلك وأتى عليه فقد أتى العذاب من أولهم إلى آخرهم، وهذه ألفاظ دالة على الاستئصال والهلاك التام، يقال قطع الله دابره واستأصل شأفته وأسكت نأمته بمعنى، و{مصبحين} معناه إذا أصبحوا ودخلوا في الصباح. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

{قال فما خطبكم}
أي: ما أمرُكم؟ {قالوا إِنا أُرسلنا} أي: بالعذاب.
وقوله: {إِلا آل لوط} استثناء ليس من الأول.
فأما آل لوط، فهم أتباعه المؤمنون.
قوله تعالى: {إِنا لمنجوهم} قرأ ابن كثير، ونافع وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {لمنجُّوهم} مشددة الجيم.
وقرأ حمزة، والكسائي {لمُنجوهم} خفيفة.
قوله تعالى: {إِلا امرأته} المعنى: إٍنا لمنجوهم إِلا امرأته {قدَّرنا} وروى أبو بكر عن عاصم {قَدَرْنا} بالتخفيف، والمعنى واحد، يقال: قدَّرت وقدّرْت، والمعنى: قضينا {إِنها لمن الغابرين} يعني: الباقين في العذاب.
قوله تعالى: {إِنكم قوم منكرون} يعني: لا أعرفكم، {قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون} يعنون: العذاب، كانوا يشكّون في نزوله.
{وأَتيناك بالحق} أي: بالأمر الذي لا شك فيه من عذاب قومك.
قوله تعالى: {واتَّبِعْ أدبارهم} أي: سِرْ خلفهم {وامضوا حيث تؤمرون} أي: حيث يأمركم جبريل.
وفي المكان الذي أُمِروا بالمضي إِليه قولان:
أحدهما: أنه الشام، قاله ابن عباس.
والثاني: قرية من قرى قوم لوط، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {وقضينا إِليه ذلك الأمر} أي: أوحينا إِليه ذلك الأمر، أي: الأمر بهلاك قومه، قال الزجاج: فسَّر: ما الأمر بباقي الآية، والمعنى: وقضينا إِليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين.
فأما الدابر، فقد سبق تفسيره [الأنعام: 45]، والمعنى: إِن آخر من يبقى منكم يَهْلِك وقت الصبح. اهـ.

.قال القرطبي:

{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57)}
فيه مسألتان:
الأولى: لما علم أنهم ملائكة إذ أخبروه بأمر خارق للعادة وهو بشراهم بالولد قال: فما خطبكم؟ والخطب الأمر الخطير.
أي فما أمركم وشأنكم وما الذي جئتم به.
{قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} أي مشركين ضالين.
وفي الكلام إضمار؛ أي أرسلنا إلى قوم مجرمين لنهلكهم.
{إِلاَّ آلَ لُوطٍ} أتباعه وأهل دينه.
{إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ} وقرأ حمزة والكسائي {لَمُنْجُوهم} بالتخفيف من أنجى.
الباقون: بالتشديد من نجّى، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
والتنجية والإنجاء التخليص.
{إِلاَّ امرأته} استثنى من آل لوط امرأته وكانت كافرة فالتحقت بالمجرمين في الهلاك.
وقد تقدّمت قصة قوم لوط في الأعراف وسورة هود بما فيه كفاية.
{قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} أي قضينا وكتبنا إنها لمن الباقين في العذاب.
والغابر: الباقي. قال:
لا تكسع الشّوْل بأغبارها ** إنك لا تدري مَنِ النّاتج

الأغبار بقايا اللبن.
وقرأ أبو بكر والمفضل {قَدَرنا} بالتخفيف هنا وفي النمل، وشدد الباقون.
الهَروِيّ: يقال قدّر وقَدَر، بمعنًى.
الثانية: لا خلاف بين أهل اللسان وغيرهم أن الإستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي؛ فإذا قال رجل: له عليّ عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهمًا؛ ثبت الإقرار بسبعة؛ لأن الدرهم مستثنًى من الأربعة، وهو مثبت لأنه مستثنى من منفي، وكانت الأربعة منفية لأنها مستثناة من موجب وهو العشرة، فعاد الدرهم إلى الستة فصارت سبعة.
وكذلك لو قال: عليّ خمسة دراهم إلا درهمًا إلا ثلثيه؛ كان عليه أربعة دراهم وثلث.
وكذلك إذا قال: لفلان عليّ عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة؛ كان الاستثناء الثاني راجعًا إلى ما قبله، والثالث إلى الثاني فيكون عليه درهمان؛ لأن العشرة إثبات والثمانية إثبات فيكون مجموعها ثمانية عشر.
والتسعة نفي والسبعة نفي فيكون ستة عشر تسقط من ثمانية عشر ويبقى درهمان، وهو القدر الواجب بالإقرار لا غير.
فقوله سبحانه: {إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امرأته} فاستثنى آل لوط من القوم المجرمين، ثم قال: {إلا امرأته} فاستثناها من آل لوط، فرجعت في التأويل إلى القوم المجرمين كما بينا.
وهكذا الحكم في الطلاق، لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين إلا واحدة طلقت ثنتين؛ لأن الواحدة رجعت إلى الباقي من المستثنى منه وهي الثلاث.
وكذا كل ما جاء من هذا فتفهّمه.
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المرسلون قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أي لا أعرفكم.
وقيل: كانوا شبابًا ورأى جمالًا فخاف عليهم من فتنة قومه؛ فهذا هو الإنكار.
{قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي يشكّون أنه نازل بهم، وهو العذاب.
{وَآتَيْنَاكَ بالحق} أي بالصدق.
وقيل: بالعذاب.
{وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} أي في هلاكهم.
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الليل} تقدّم في هود.
{واتبع أَدْبَارَهُمْ} أي كن من ورائهم لئلا يتخلفَ منهم أحد فيناله العذاب.
{وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} نُهوا عن الالتفات ليجِدّوا في السير ويتباعدوا عن القرية قبل أن يفاجئهم الصبح.
وقيل: المعنى لا يتخلف.
{وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} قال ابن عباس: يعني الشام.
مقاتل: يعني صَفَد، قرية من قرى لوط.
وقد تقدّم.
وقيل: إنه مضى إلى أرض الخليل بمكان يقال له اليقين، وإنما سمي اليقين لأن إبراهيم لما خرجت الرسل شيّعهم، فقال لجبريل: من أين يخسف بهم؟ قال: «من ها هنا» وحَدَّ له حَدًّا، وذهب جبريل؛ فلما جاء لوط جلس عند إبراهيم وارتقبا ذلك العذاب، فلما اهتزت الأرض قال إبراهيم: «أيقنت بالله».
فسمّي اليقين.
قوله تعالى: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ} أي أوحينا إلى لوط.
{ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} نظيره {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ} [الأنعام: 45].
{مُّصْبِحِينَ} أي عند طلوع الصبح، وقد تقدّم. اهـ.

.قال الخازن:

{قال} يعني إبراهيم {فما خطبكم} يعني فما شأنكم وما الأمر الذي جئتم فيه {أيها المرسلون} والمعنى ما الأمر الذي جئتم به سوى ما بشرتموني به من الولد {قالوا} يعني الملائكة {إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين} يعني لهلاك قوم مجرمين {إلا آل لوط} يعني أشياعه وأتباعه من أهل دينه {إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته} يعني امرأة {لوط قدرنا} يعني قضينا وإنما أسند الملائكة القدر إلى أنفسهم وإن كان ذلك لله، لاختصاصهم بالله وقربهم منه كما تقول خاصة الملك نحن أمرنا، ونحن فعلنا وإن كان قد فعلوه بأمر الملك {إنها لمن الغابرين} يعني لمن الباقين في العذاب والاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي فاستثناء امرأة لوط من الناجين يلحقها بالهالكين.
{فلما جاء آل لوط المرسلون} وذلك أن الملائكة عليهم السلام لما بشروا إبراهيم بالولد، وعرفوه بما أرسلوا به ساروا إلى لوط وقومه فلما دخلوا على لوط {قال إنكم قوم منكرون} وإنما قال هذه المقالة لوط لأنهم دخلوا عليه وهم في زي شبان مردان حسان الوجوه، فخاف أن يهجم عليهم قومه فلهذا السبب قال هذه المقالة.
وقيل: إن النكرة ضد المعرفة فقول: إنكم قوم منكرون يعني لا أعرفكم ولا أعرف من أي الأقوام أنتم، ولا لأي غرض دخلتم فعند ذلك {قالوا} يعني الملائكة {بل جئناك بما كانوا فيه يمترون} يعني جئناك بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه {وأتيناك بالحق} يعني باليقين الذي لا شك فيه {وإنّا لَصادقون} يعني فيما أخبرناك به من إهلاكهم {فأسر بأهلك} بقطع من الليل يعني آخر الليل، والقطع القطعة من الشيء وبعضه {واتبع أدبارهم} يعني واتبع آثار أهلك وسر خلفهم {ولا يلتفت منكم أحد} يعني حتى لا يرى ما نزل بقومه من العذاب فيرتاع بذلك، وقيل: المراد الإسراع في السير وترك الالتفات إلى ورائه، والاهتمام بما خلفه كما تقول امض لشأنك ولا تعرج على شيء وقيل جعل ترك الالتفات علامة لمن ينجو من آل لوط ولئلا يتخلف أحد منهم فيناله العذاب {وامضوا حيث تؤمرون} قال ابن عباس: يعني إلى الشام وقيل: الأردن، وقيل إلى حيث يأمركم جبريل وذلك أن جبريل أمرهم أن يسيروا إلى قرية معينة ما عمل أهلها عمل قوم لوط {وقضينا إليه ذلك الأمر} يعني وأوحينا إلى لوط ذلك الأمر الذي حكمنا به على قومه، وفرغنا منه ثم إنه سبحانه وتعالى فسر ذلك الأمر الذي قضاه بقوله: {أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} يعني أن هؤلاء القوم يستأصلون عن آخرهم بالعذاب وقت الصبح وإنما أبهم الأمر الذي قضاه عليهم أولًا، وفسر ثانيًا تفخيمًا له وتعظيمًا لشأنه. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57)}
لما بشروه بالولد راجعوه في ذلك، علم أنهم ملائكة الله ورسله، فاستفهم بقوله: فما خطبكم؟ الخطب لا يكاد يقال إلا في الأمر الشديد، فأضافه إليهم من حيث أنهم حاملوه إلى أولئك القوم المعذبين.
ونكر قومًا وصفتهم تقليلًا لهم واستهانة بهم، وهم قوم لوط أهل مدينة سدوم والمعنى: أرسلنا بالهلاك.
وإلا آل لوط: يحتمل أن يكون استثناء من الضمير المستكن في مجرمين والتقدير: أجرموا كلهم إلا آل لوط، فيكون استثناء متصلًا، والمعنى: إلا آل لوط فإنهم لم يجرموا.
ويكون قوله: إنا لمنجوهم أجمعين، استئناف إخبار عن نجاتهم، وذلك لكونهم لم يجرموا، ويكون حكم الإرسال منسحبًا على قوم مجرمين وعلى آل لوط لإهلاك هؤلاء، وإنجاء هؤلاء.
والظاهر أنه استثناء منقطع، لأنّ آل لوط لم يندرج في قوله: قوم مجرمين، لا على عموم البدل، لأنّ وصف الإجرام منتف عن آل لوط، ولا على عموم الشمول لتنكير قوم مجرمين، ولانتفاء وصف الإجرام عن آل لوط.
وإذا كان استثناء منقطعًا فهو مما يجب فيه النصب، لأنه من الاستثناء الذي لا يمكن بوجه العامل على المستثنى فيه، لأنهم لم يرسلوا إليهم أصلًا، وإنما أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة.